• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المنة ببلوع عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    أهمية التعلم وفضل طلب العلم
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    حديث: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    حقوق المسنين (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة النصر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    المرأة في الإسلام: حقوقها ودورها في بناء المجتمع
    محمد أبو عطية
  •  
    مفهوم الفضيلة لغة واصطلاحا
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (7)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    خطبة أحداث الحياة
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    {هماز مشاء بنميم}
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    الإيمان بالقرآن أصل من أصول الإيمان
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أسباب اختلاف نسخ «صحيح البخاري»
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    خطبة: اشتداد المحن بداية الفرج
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    خطبة: إن الله لا يحب المسرفين
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    فضل عشر ذي الحجة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    فصلٌ: فيما إذا جُهل حاله هل ذُكر عليه اسم الله أم ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الحديث وعلومه
علامة باركود

سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون الجنة" الجزء الرابع

سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: كل أمتي يدخلون الجنة الجزء الرابع
الشيخ حسن حفني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/11/2024 ميلادي - 17/5/1446 هجري

الزيارات: 976

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث "كل أمتي يدخلون الجنة"

الجزء الرابع

 

الحمد لله الملك الوهاب، الرحيم التواب، خلق الناس كلهم من تراب، وهيَّأهم لما يكلفون به بما أعطاهم من الألباب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، بلا شك ولا ارتياب، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، الذي أنزل عليه الكتاب، تبصرة وذكرى لأولي الألباب، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآب، وسلم تسليمًا كثيرًا حتى يحكم الله بين العباد، رغم أنف الشيعة الروافض أهل الكذب والارتياب، أعداء السنة والكتاب، مبغضي الصحابة الكرام أهل الطهر والانقياد لحكم السنة والكتاب، وبعد:

نستكمل شرح حديث أبي هريرة: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجنَّةَ، إِلَّا مَنْ أَبَى... »؛ الحديث.

 

معاني المفردات والألفاظ

الكلمة

معناها

كل

اسم يجمع الأجزاء ـ كلمة تفيد الاستغراق لأفراد ما تضاف إليه أو أجزائه ـ وهي صيغة من صيغ العموم والشمول عند الأصوليين؛ مثال قوله تعالى: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾ [العنكبوت: 57]؛ بل هي أقوى صيغ العموم (ومعنى الاستغراق: الاستيعاب وشمول جميع الأفراد بحيث لا يخرج عنه شيء).

أمتي

الأمة: جماعة من الناس، أكثرهم من أصل واحد، وتجمعهم صفات موروثة، ومصالح وأماني واحدة، أو يجمعهم أمر واحد من دين أو مكان أو زمان. (ولها معانٍ أخرى حسب سياق الكلام).

وأمة النبي صلى الله عليه وسلم نوعان: (1) أمة الدعوة، وهي تشمل من آمن به ومن لم يؤمن. (2) وأمة الإجابة ويدخل فيها كل من آمن به وصَدَّقه وتَبِعَه فقط.

أَبَى

الإباء: الترفع والامتناع ـ أَبَى الغذاء: عافه وامتنع عنه وعليه، استعصى، وكرهه ولم يرضه. والإباء: أشد الامتناع. وأَبَى فلان يأبى إباء؛ أي: ترك الطاعة، ومال إلى المعصية، قال الله عز وجل: ﴿ فَكَذَّبَ وَأَبَى ﴾ [طه: 56]. ووجه آخر: كل من ترك أمرًا وردَّه فقد أبى. وأخذه أبَاءٌ؛ أي: أبى الطعام أن يَشْتَهِيه، والأُباءُ: أن تعرض الشيء على الرجل فيأبى قبوله.

أطاعني

الطاعة: امتثال الأمر عن رغبة بغير إكراه، وهي موافقة الأمر طوعًا.

الطاعة: الانقياد والموافقةُ، وقيل: لا تكون إلا عن أمر.

عصاني

العصيان: ضدُّ الطاعة، وهو الامتناعُ عن الانقياد ـ وعصاه معصية، وعصيانًا: خرج من طاعته وخالف أمره، فهو عاصٍ، والمعصية: هي مخالفة الأمر عمدًا.

ألين

ألطف.

شرد

نفر واستعصى، حاد عن الطريق، شبهه بالبعير في قوة نفاره.

البعير

ما صلح للركوب والحمل من الإبل، وذلك إذا استكمل أربع سنوات.

ويقال للجمل والناقة: بعير.

 

الشرح

أيها الأحبة في الله، بداية أقول لكم: إن الله تعالى قال في سورة الأحزاب: ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ﴾ [الأحزاب: 6].

 

هذه الآية تُبَيّن أن الله قد علم - وهو عليم بكل شيء - شفقة رسوله صلى الله عليه وسلم على أمته، ورحمته ورأفته بهم، ونصحه لهم، فجعله أحق بهم في كل أمور الدين والدنيا، وأولى بهم من أنفسهم فضلًا عن أن يكون أولى بهم من غيرهم، فيجب عليهم أن يطيعوه فوق طاعتهم لأنفسهم، ويقدموا طاعته على ما تميل إليه أنفسهم وتطلبه خواطرهم، ويجعلوا حُكمَه فيهم مقدمًا على اختيارهم لأنفسهم؛ كما قال تعالى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65].

 

وفي الصحيحين عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»[1].

 

وفي البخاري قَالَ عَبْدُاللهِ بْن هِشَامٍ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخطَّابِ رضي الله عنه، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ الله، لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، إِلَّا مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ»، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ وَاللهِ، لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «الآنَ يَا عُمَرُ»[2].

 

وفي البخاري عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَأَنَا أَوْلَى بِهِ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ﴾ [الأحزاب: 6]، فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ مَنْ كَانُوا، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضياعًا فَلْيَأْتِنِي فَأَنَا مَوْلاه»[3].

 

وقفة قبل شرح الحديث

أيها الإخوة، إن هذه الآية لا بد وأن يكون لنا معها وحدها وقفات ووقفات إن شاء الله تعالى، ففيها من العبر والعظات والفوائد والدروس المستفادة والفقه العظيم لمن تدبَّرها؛ ولكن يكفي أن تعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم أولى بك من نفسك، فضلًا عن غيرك، وذلك أن محبوب الإنسان إما نفسه وإما غيرها، أما نفسه فهو يريد دوام بقائها سالمة من الآفات، هذا هو حقيقة المطلوب. وأما غيرها فإذا حقق الأمر فيه فإنما هو بسبب تحصيل نفعٍ ما على وجوهه المختلفة حالًا ومآلًا.

 

فإذا تأمل الإنسان النفع الحاصل له من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان إما بالمباشرة وإما بالسبب؛ علم أنه سبب بقاء نفسه البقاء الأبدي في النعيم السرمدي، وعلم أن نفعه بذلك أعظم من جميع وجوه الانتفاعات، فاستحق النبي صلى الله عليه وسلم لذلك أن يكون حظُّه من المحبة أوفرَ من غيره؛ لأن النفع الذي يثير المحبة حاصل منه أكثر من غيره، ولكن الناس يتفاوتون في ذلك بحسب استحضار ذلك والغفلة عنه. ولا شك أن حظ الصحابة رضي الله عنهم من هذا المعنى أتم؛ لأن هذه ثمرة المعرفة، وهم بها أعلم؛ لذلك كانوا يؤثرون رؤية ومشاهدة النبي صلى الله عليه وسلم على الأهل والولد والوالد والمال، بل ويبذلون أنفسهم رخيصة في الأمور الخطيرة دفاعًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

كل ذلك لما رأوا منه عليه الصلاة والسلام من الشفقة والرحمة والرأفة وكمال النصح لهم، بأبي هو وأمي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

فمن ذلك أنه دلَّهم على كل خير، وحذَّرهم من كل شر، وعلَّمهم الطريق إلى ذلك ودلَّهم عليه. ففي الحديث عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، قَالَ: تَرَكْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَا طَائِرٌ يُقَلِّبُ جَنَاحَيْهِ فِي الهوَاءِ، إِلا وَهُوَ يُذَكِّرُنَا مِنْهُ عِلْمًا، قَالَ: فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَقِيَ شَيْءٌ يُقَرِّبُ مِنَ الْجنَّةِ، ويُبَاعِدُ مِنَ النَّارِ، إِلا وَقَدْ بُيِّنَ لَكُمْ» [4].

 

عَنِ الْمطَّلِبِ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا تَرَكْتُ شَيْئًا مِمَّا أَمَرَكُمُ اللهُ بهِ إِلَّا وَقَدْ أَمَرْتُكُمْ بِهِ، وَلا تَرَكْتُ شَيْئًا مِمَّا نَهَاكُمُ اللهُ عَنْهُ إِلَّا وَقَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ» [5].

 

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ الله: فَمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَحْيٌّ فَقَدْ فَرَضَ اللهُ في الْوَحْيِ اتِّبَاعَ سُنَّتِهِ، فَمَنْ قَبِلَ عَنْهُ فَإِنَّمَا قَبِلَ بِفَرْضِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

 

وانتبه لقوله تعالى: ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ﴾ [الأحزاب: 6].

 

فمن تكلم في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بالسوء والعياذ بالله دلَّ ذلك على زندقته وانحلاله وانحرافه عن منهج الله ورسوله[6].

 

هذا أمر عجيب!

فالعجب كل العجب بعد كل هذا أن يطلب مسلم أو مسلمة الهُدى من غير طريق هذا النبي عليه الصلاة والسلام؛ الذي هو القرآن والسنة وما عليه سلفنا الأوائل رضي الله عنهم جميعًا.

 

فلا يحل لمسلم أو مسلمة على أي حال أن يقرأ كتب أهل الكتاب من اليهود والنصارى ولو على سبيل الاطلاع والعلم بما فيها من فساد (إلا أن يكون القارئ لهذه الكتب من العلماء المتحققين بالعلم الشرعي؛ لبيان ما فيها من تحريف عند الحاجة لذلك)، ولا يجوز لأي مسلم أو مسلمة أن يقبل هذه الكتب على سبيل الهدية، فاتقوا الله عز وجل.

 

موقف عملي وتحذير النبي صلى الله عليه وسلم

وهذا موقف عملي من رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِالله رضي الله عنه، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخطَّابِ رضي الله عنه أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُتُبِ، فَقَرَأَهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَغَضِبَ، وَقَالَ: «أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخطَّابِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، لا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ مُوسَى صلى الله عليه وسلم كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي»[7]. وفي رواية «فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، مَا حَلَّ لَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي».

 

معنى (أَمُتَهَوِّكُونَ)؛ أي: أمتحيرون ومضطربون ومتشككون أنتم في الإسلام، لا تعرفون دينكم حتى تأخذوه من اليهود والنصارى.

 

(بَيْضَاءَ نَقِيَّةً)؛ أي: دعوة عدل، صافية من الشوائب والتحريفات التي وقع فيها أهل الكتاب.

 

وقال عليه الصلاة والسلام: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ أَصْبَحَ فِيكُمْ مُوسَى ثُمَّ اتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي لَضَلَلْتُمْ، إِنَّكُمْ حَظِّي مِنَ الأُمَمِ وَأَنَا حَظُّكُمْ مِنَ النَّبِيِّينَ»[8].

 

(لو نزل موسى)؛ أي: ابن عمران من السماء إلى الدنيا.

 

(لضللتم)؛ أي: لعدلتم عن الاستقامة.

 

(وأنتم حظي من الأمم)؛ أي: قد وجَّه الله وجوهكم لاتِّباعي.

 

ترجمان القرآن وحبر الأمة وبحرها يحذّرها

وهذا ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه يقول: «يَا مَعْشَرَ الْمسْلِمِينَ، كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيءٍ وَكِتَابُكُمُ الذي أَنْزَلَ اللهُ عَلَى نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم أَحْدَثُ الأَخْبَارِ باللهِ مَحْضًا لَمْ يُشَبْ، وَقَدْ حَدَّثَكُمُ اللهُ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ بَدَّلُوا مِنْ كُتُبِ الله وَغَيَّرُوا، فَكَتَبُوا بِأَيْدِيهِمْ، قَالُوا: هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِذَلِكَ ثَمَنًا قَلِيلًا، أَوَ لا يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنَ الْعِلْمِ عَنْ مَسْأَلَتِهِمْ، فَلا وَالله، مَا رَأَيْنَا رَجُلًا مِنْهُمْ يَسْأَلُكُمْ عَنِ الذي أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ»[9].

 

معنى (مَحْضًا لَمْ يُشَبْ)؛ أي: صافيًا لم يُحرَّف ولم يخالطه غيره، أو لم يُخلط به ما ليس منه.

 

ومعنى قوله: «فَلا وَالله، مَا رَأَيْنَا رَجُلًا مِنْهُمْ يَسْأَلُكُمْ عَنِ الذي أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ»: فابن عباس رضي الله عنه يؤكد خبره وكلامه بالقسم، وكأنه يقول: لا يسألونكم عن شيء مع علمهم بأن كتابكم لا تحريف فيه، فكيف تسألونهم، وقد علمتم أن كتابهم مُحرَّف؟!

 

فهموا فعملوا، واستقروا فثبتوا

أيها الإخوة والأخوات، لما فهم الصحابة ومن تبعهم بإحسان هذه القضية، وعرفوا ما هو المطلوب منهم، اقتصروا على التلقي من كتاب الله وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، واستقوا من هذا النبع الصافي، وبذلك سبقوا؛ ولذلك نحن جعلنا هذا الجيل الفريد ومن تبعهم بإحسان من القرون المفضلة قدوتنا، ننظر قبل أن نتكلم في مسألة ودليل، وقبل أن نضع فهمَنا، كيف تكلموا فيه وكيف فهموه، وكيف طبقوه وعملوا به.

 

فإذا نظرنا نحن في أنفسنا الآن: نتساءل: أين القرآنُ والسنةُ الصحيحة من مناهجنا؟ أين القرآن والسنة الصحيحة من ثقافتنا؟ الجواب إن وُجد فهو نذر يسير جدًّا.

 

لقد وَلّينا وجوهَنا شطر الشرق الملحد والغرب الكافر لنأخذ من علومهم وثقافاتهم، بعد ما كانوا هم يأخذون من حضارتنا وثقافتِنا وعلومِنا المختلفة.

 

أيها الأحباب الكرام، للحديث بقية إن شاء الله تعالى، هذا والله أعلى وأعلم.

 

وصلى اللهم وسلم على نبينا وحبيبنا وخليلنا وإمامنا وقائدنا وقدوتنا وقرة عيوننا سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وأزواجه وسلم تسليمًا مباركًا إلى يوم الدين.



[1] البخاري (15)، مسلم (44)، وغيرهما، وهذا لفظ البخاري، في رواية مسلم قدَّم النبي صلى الله عليه وسلم الولد على الوالد، وفي رواية لمسلم: «حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ».

[2] البخاري (6632) وغيره.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (11/ 528): [قوله: فقال له عمر: يا رسول الله، لأنت أحب إليَّ من كل شيء إلا نفسي] اللام لتأكيد القسم المقدر؛ كأنه قال: والله لأنت... إلخ.

[قوله: لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحبَّ إليك من نفسك]؛ أي: لا يكفي ذلك لبلوغ الرتبة العليا حتى يضاف إليه ما ذكر، وعن بعض الزُّهَّاد تقدير الكلام: لا تصدق في حبي حتى تؤثر رضاي على هواك، وإن كان فيه الهلاك، وقد قدمت تقرير هذا في أوائل كتاب الإيمان.

[قوله: فقال له عمر: فإنه الآن يا رسول الله، لأنت أحبُّ إليَّ من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الآن يا عمر]، قال الداودي: وقوف عمر أول مرة واستثناؤه نفسه إنما اتفق حتى لا يبلغ ذلك منه، فيحلف بالله كاذبًا؛ فلما قال له ما قال تقرر في نفسه أنه أحب إليه من نفسه، فحلف، كذا قال، وقال الخطابي: حب الإنسان نفسه طبع، وحب غيره اختيار بتوسُّط الأسباب؛ وإنما أراد عليه الصلاة والسلام حب الاختيار؛ إذ لا سبيل إلى قلب الطباع وتغييرها عما جُبِلت عليه. قلت فعلى هذا فجواب عمر أولًا كان بحسب الطبع، ثم تأمل فعرف بالاستدلال أن النبي صلى الله عليه وسلم أحبُّ إليه من نفسه؛ لكونه السبب في نجاتها من المهلكات في الدنيا والأخرى، فأخبر بما اقتضاه الاختيار؛ ولذلك حصل الجواب بقوله: "الآن يا عمر"؛ أي: الآن عرفت؛ فنطقت بما يجب، وأما تقرير بعض الشُّرَّاح: الآن صار إيمانك معتدًّا به؛ إذ المرء لا يعتد بإيمانه حتى يقتضي عقله ترجيح جانب الرسول صلى الله عليه وسلم، ففيه سوء أدب في العبارة، وما أكثر ما يقع مثل هذا في كلام الكبار عند عدم التأمُّل والتحرُّز لاستغراق الفكر في المعنى الأصلي، فلا ينبغي التشديد في الإنكار على من وقع ذلك منه؛ بل يكتفي بالإشارة إلى الرد والتحذير من الاغترار به؛ لئلا يقع المنكر في نحو مما أنكره.

وقال القرطبي: كل من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم إيمانًا صحيحًا لا يخلو عن وجدان شيء من تلك المحبة الراجحة، غير أنهم متفاوتون، فمنهم من أخذ من تلك المرتبة بالحظ الأوفى، ومنهم من أخذ منها بالحظ الأدنى كمن كان مستغرقًا في الشهوات محجوبًا في الغفلات في أكثر الأوقات، لكن الكثير منهم إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم اشتاق إلى رؤيته؛ بحيث يؤثرها على أهله وولده وماله ووالده؛ ويبذل نفسه في الأمور الخطيرة، ويجد مخبر ذلك من نفسه وجدانًا لا تردد فيه، وقد شوهد من هذا الجنس من يؤثر زيارة قبره ورؤية مواضع آثاره على جميع ما ذكر؛ لما وقر في قلوبهم من محبته غير أن ذلك سريع الزوال بتوالي الغفلات، والله المستعان؛ انتهى ملخصًا.

وقال ابن الجوزي في كشف المشكل من حديث الصحيحين (4 / 168): [لَا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أكونَ أحبَّ إِلَيْك من نَفسك].

إِن قَالَ قَائِل: كَيفَ كلفه بِمَا لَا يدْخل تَحت طوقه؛ فَإِن الْمحبَّة فِي الْجُمْلَة لَيست إِلَى الْإِنْسَان، ثمَّ إِن حبه لنَفسِهِ أَشد من حبه لغَيْرهَا، وَلَا يُمكنهُ تَغْيِير ذَلِك؟ فَالْجَوَاب: أَنه إِنَّمَا كلفه الْحبّ الشَّرْعِيّ، وَهُوَ إيثاره على النَّفس، وَتَقْدِيم أوامره على مراداتها. فَأَما الْحبُّ الطبعي فَلَا؛ اهـ.

[3] البخاري (2399)، مسلم (1619)، وغيرهما.

[4] رواه الطبراني في معجمه الكبير (1624)، وعن أبي ذر، وصححه الألباني في الصحيحة (1803).

[5] إسناده حسن مرسل (انظر المصدر السابق)، وصحَّحه بمجموع طرقه سليم الهلالي في تحقيقه «رسالة هدية السلطان للمعصومي» تعليق رقم (38).

[6] ومن خلال شرحنا للحديث في دروسنا، الدرس الثامن والتاسع رددنا على الشيعة الروافض وجعلناهما بعنوان (حوار هادئ مع الشيعة ونصيحة لأهل السنة)، بأسلوب رائع بفضل الله، وهما على موقعنا (فيديو) – وهذا هو الرابط www.youtube.com/user/hassanhefny

[7] رواه أحمد، رقم (15094)، والبيهقي في شعب الإيمان رقم (174)، ومصنف ابن أبي شيبة، باب: من كره النظر في كتب أهل الكتاب (8/ 575)، رقم (26828)، وغيرهم، وحسَّنَة الألباني في المشكاة (177).

* تَهوَّك : كان على غير استقامة، أي : دخل في الأمر متهورًا وبلا مبالاة، أي : هل كان إسلامنا تهورًا وخطأ وسقوطًا في هوة الردى.

[8] رواه البيهقي في شعب الإيمان عن عبدالله بن الحارث، وحسَّنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (5308).

[9] البخاري (7523)، وغيره.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون الجنة" الجزء الأول
  • سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون الجنة" الجزء الثاني
  • سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون الجنة" الجزء الثالث
  • سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون الجنة" الجزء الخامس
  • سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون الجنة" الجزء السادس
  • سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: «كل أمتي يدخلون الجنة» الجزء السابع

مختارات من الشبكة

  • حديث: عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (18) «إن الله كتب الإحسان على كل شيء» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من سلسلة أحاديث رمضان حديث: لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة(مقالة - ملفات خاصة)
  • من سلسلة أحاديث رمضان حديث: فإذا ذهبت أصحابي أتى أمتي ما يوعدون(مقالة - ملفات خاصة)
  • كل شيء هالك إلا وجهه (سلسلة آيات العقيدة المتوهم إشكالها "14")(مقالة - موقع د. زياد بن حمد العامر)
  • من سلسلة أحاديث رمضان حديث: أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة...(مقالة - ملفات خاصة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (2): حديث جبريل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (22) الأخيرة: أعمال أهل الجنة وصفاتهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (23) «الطهور شطر الإيمان» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (21) «قل: آمنت بالله ثم استقم» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/11/1446هـ - الساعة: 8:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب